هل يتسبب سجن البحيرى فى إعادة النظر فى المحاكمات العسكرية للمدنيين؟

عمرو عبدالله البحيرى (32 عاما) شاب مصرى بسيط.. أتى وأحد أقربائه من كفر الزيات الجمعة الماضية 25 فبراير، ليشارك المعتصمين فى القاهرة لأول مرة منذ بدء الثورة فى مطالبتهم بإقالة حكومة شفيق. ولا يعلم أن هذ اليوم سيتسبب فى أن يقضى السنوات الخمس القادمة من عمره فى سجن عسكرى.
اختار عمرو الانضمام للمعتصمين أمام مجلس الوزراء ومجلس الشعب، ولكن مع حلول منتصف الليل تدخلت قوات من الجيش لفض الاعتصام بالقوة مستخدمة الضرب والعصي الكهربائية كما وصفها بعض الناشطين. وتم اعتقال عمرو ومجموعة أخرى مع الساعات الأولى لصباح السبت، ثم تم إطلاق سراحه بعد الاعتداء عليه بالضرب المبرح ثم اعتقل مرة أخرى.
فى اليوم التالى قدّم المجلس الأعلى للقوات المسلحة اعتذارا للشعب المصرى وشباب ثورة 25 يناير عن أحداث الليلة السابقة، معلنا القبض على مجموعة من البلطجية الذين اندسوا بين المعتصمين بهدف إحداث الشغب، وظهر اسم عمرو فى عدد من وسائل الإعلام ضمن 9 أسماء أخرى ممن تم القبض عليهم وتم تحويلهم لمحاكمة عسكرية.
أثار قرار القبض على عمرو بعد الاعتداء عليه سخطا ورفضا واسعا فى أوساط الناشطين والمعتصمين ممن أمضوا يومهم مع عمرو وشهدوا واقعة الاعتداء عليه، خاصة عندما فوجئوا بإجراءات محاكمته التى تجاهلت أبسط حقوقه كمواطن مصرى فى الدفاع عن نفسه، حيث تم عرضه على المحكمة العسكرية دون إبلاغ عائلته أو السماح له بتوكيل محام أو إحضار شهود للنفى، ثم صدر حكم بالسجن لخمس سنوات مع الشغل والنفاذ.
الدكتور شادى الغزالى الحرب عضو ائتلاف الثورة، والدكتورة ليلى سويف المدرس بكلية العلوم جامعة القاهرة، وابنتها منى، بالإضافة إلى الأستاذ تقادم الخطيب المدرس المساعد بكلية الآداب جامعة المنصورة، شهدوا جميعا واقعة الاعتداء على عمرو والقبض عليه بحجة حيازة سلاح (طبنجة)، وتأكد وقتها أنها مجرد طبنجة صوت كما أكد أحد الضباط فى حديث تليفونى مع أحد رؤسائه، وبالرغم من ذلك تم القبض على عمرو.
كما أكد الجميع أن عمرو لم يكن يحمل أي سلاح، ورجحت سويف أن استمرار احتجازه كان للتغطية على الإصابات التي لحقت به، والتي صوَّرتها ابنتها بهاتفها المحمول، مما دفعها هى والخطيب إلى التوجه لمكتب النائب العام فى اليوم التالى لتقديم بلاغ يدليان فيه بشهادتهما التفصيلية عن الواقعة. معلنين استنكارهما ودهشتهما للإجراءات والطريقة التى تمت بها محاكمته، خاصة عندما اكتشفا أن الاتهام الموجه له قد تغير ليصبح التعدى على مكلف بخدمة عامة، وصدور الحكم دون السماح له بالدفاع عن نفسه وإحضار محام أو شهود نفى .
فيما أكد محمد البحيرى، شقيق عمرو، أنه فوجىء بإجراءات محاكمة أخيه ولم يكن يعلم الحكم حتى بعد صدوره، حيث ذهب والده بالصدفة لإيصال ملابس وأدوية لشقيقه ظهر الثلاثاء 1 مارس ليكتشف أنه قد تمت محاكمته بتهمة خرق حظر التجول والتعدى على مكلف بخدمة عامة وصدور حكم بالسجن 5 سنوات فى القضية رقم 155 لسنة 2011 جنايات عسكرية شرق، دون علم أى منهم أو إبلاغهم بتغيير موعد المحاكمة، حيث تم إبلاغهم الاثنين بأنها قد تحددت فى 12 مارس.
وأوضح محمد أنه تم إبلاغهم أن المحاكمة العاجلة لشقيقه تمت دون شهود النفي، مثل الدكتورة ليلى سويف والدكتور شادي الغزالي حرب والأستاذ تقادم الخطيب، وأيضًا دون حضور مدنيين أو محامين للدفاع عنه.
عادل عبدالرحمن عضو جبهة الدفاع عن متظاهرى مصر الذى تطوع للدفاع عن عمرو أعلن أنه سيتقدم بتظلم ليطالب فيه بإلغاء الحكم وإعادة المحاكمة فى دائرة أخرى مع التمكن من حضور محامين وإحضار شهود وأدلة للنفى، منتقدا الإجراءات التى تمت محاكمة عمرو بها خلال فترة لم تتعد ثلاثة أيام من إلقاء القبض عليه، مع الوضع فى الاعتبار كونه مدنيا.
وفى سياق متصل أدانت منظمة العفو الدولية المحاكمة العسكرية التى خضع لها عمرو البحيرى، وناشدت السلطات المصرية إطلاق سراحه لكونه كان يمارس حقه فى التظاهر السلمى معبرا عن رأيه، ولم يرتكب ما يستدعى محاكمته.
كما أدانت مجموعة من المنظمات الحقوقية المصرية حكم المحكمة العسكرية فى قضية البحيرى، وشددت على عدم إحالة ومحاكمة المدنيين أمام محاكمات عسكرية مكونة من ضباط جيش فى جرائم غير عسكرية، الأمر الذى اعتبرته مخالفة لأبسط حقوق المواطنين فى محاكمة عادلة انطلاقا من كل المواثيق الدولية التى صدقت عليها مصر ودعت الجيش للنظر فى الأحكام الصادرة بشأن المدنيين.
كما دشن نشطاء حملة على الشبكات الاجتماعية تحت شعار "كلنا عمرو البحيرى"، مطالبين بالإفراج الفورى عنه، وأسسوا "جروب" على موقع "فيس بوك" "عمرو البحيرى.. أنا فى السجن العسكرى لمشاركتى فى الثورة"، داعين لحشد وتنظيم وقفة احتجاجية غدا الجمعة من نفس المكان الذى تم القبض فيه على عمرو للمطالبة بالإفراج عنه.